+ A
A -
يلتقط العالم أنفاسه حالياً، ويتجه بعينيه ومشاعره نحو ملاعب في كرة القدم في الأراضي الروسية، التي تشهد منافساتٍ بين اثنيْن وثلاثين من الفرق المؤهلة لهذه المنافسات. وهي فرصة تشهدها شعوب عالمنا كل أربع سنواتٍ للتخلص من الضغوط التي تعيشها هذه الشعوب في ظل النزاعات، والضيق الاقتصادي والحروب الدموية والتجارية، إذ تتوحد الأنظار باتجاه هذه اللعبة الأكثر شعبيةً في العالم، سواءٌ كانت في مجاهل إفريقية، أو قلب القارة العجوز، أو جمهوريات الموز، كل مشجعي هذه الساحرة المستديرة تتعلق أنظارهم، وتتابع أبطالاً في اللعبة، صنعتهم مواهبهم، وكاميرات الأخبار، وآراء المعلقين، وملايين الدولارات التي تُغدق عليهم، وتبروِزُهم أمثلةً، يحظى كلٌّ منهم بصفة «القدوة» بين محبي اللعبة التي تعتبر قيمةً كبيرةً في جيش القوى الناعمة. ولا شك أن هذه التجمّعات الرياضية التي تقام بصفةٍ دوريةٍ كل أربع سنواتٍ في بلدٍ مختلف، تسهم إسهاماً ملحوظاً في التعريف بثقافة هذا البلد وعاداته، وزحف الحضارة على أرضه، وهي -مما لا شك فيه- تسهم إسهاماً كبيراً في إزالة الحواجز، التي تنصبها العداوات بين الأمم، والشعوب، والدول. في حديثٍ مع المعلق الرياضي لقناة ال بيبي سي سنترال في لندن، وكان الوقت يشهد مبارياتٍ كهذه، سألته عن رأيه في تلك المسابقات وعن أبرز نجوم الفرق، أجابني:
- لو ان حكوماتنا ودولنا تتعامل بالروح التي تشهدها الملاعب، لما كانت بيننا حروبٌ ومنازعات.
أصاب ذلك الشاب الرياضي الإنجليزي المتميز، فالخلافات على أرض الملاعب، لا تحلها القوة أو الاقتياد للعصبية والعنجهية، والاعتزاز بالمال والسلطان والنفوذ. والا تكون الغَلَبة فيها إلا لمن يحسن التدريب والتدرُّب، ومن يلعب بخططٍ تعرف مواقع الضعف في فرق الخصوم لتحقق الفوز، وتسجل الأهداف.
بقيت حقيقة لا نغفلها، وهي أن الرياضة فوزٌ وخسارة، وليست جميع الفرق خاسرةً كما أنها ليست جميعها فائزة، وفي الألعاب الفردية كذلك، تكفينا هنا متعةُ المشاركة، ومتعة الفُرجة على أحداثٍ عالميةٍ بعيدةٍ عن الخراب، ونزيف الثروات والدم.

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
22/06/2018
2061