+ A
A -
يُقسِّمُ النَّسَابُون عندنا - والنَّسَابُون عندنا كالأنثروبولوجيين عندهم - العربَ إلى قسمين هما: العَربُ البائدة والعَربُ الباقية!
فأما العرب البائدة فهم كقوم عاد، وثمود. أُطلِقَ عليهم اسم «البائدة» لأنهم ولله الحمد قد اندثروا قبل الإسلام!
وأما العربُ الباقية، فاسمهم من صِفتهم، وهم الذين نجوا حتى أدركوا البِعثة الشريفة، ولله الحمد أيضاً! ويُقسِّمُ نسّابونا العرب الباقية بدورهم إلى قسمين هما: العرب العاربة والعرب المستعربة!
فأما العرب العاربة فهم القحطانيون الذين يرجع بهم النسب إلى سام بن نوح عليه السلام.
وأما العرب المستعربة فهم العدنانيون الذين يرجع بهم النسبُ إلى إسماعيل عليه السلام.
وعلى سيرة العرب البائدة، فإن البشرية كلها ستصبح يوما بائدة، وهذا من فضل الله أيضاً! تخيلوا كم هو قاسٍ لو لم يكن هناك آخرة وتمكن السفلة من سكان هذا الكوكب من النجاة بأفعالهم، أو لم ينل الفضلاء من أهل الأرض جزاء إحسانهم.. ولكنَّ الله عادل ومن صور عدله التي لا تُحصى أنه جعل يوماً للحساب والجزاء!
وعلى سيرة العرب الباقية، فقد بقوا ولم يتعظوا بإخوانهم البائدين حتى ظهر منهم فئة هي العرب المُتلبررة! وهم فئة من المتغربين الناطقين بالضاد، أشبه ما يكونون بمنحوتات الشعوب القديمة، رأس خروف على جسد إنسان، ورأس إنسان على جسد وعل! ومن أصدق من الله حديثاً حين قال: «إن هم كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً»!
في مباراة مصر الأولى في كأس العالم في مواجهة الأوروغواي حصل محمد الشناوي حارس مرمى المنتخب المصري على جائزة أفضل لاعب في المباراة، ولكنه - بارك الله له في قلبه- رفض استلام الجائزة لأنها مقدمة من شركة خمور! ورفض الجوائز أو قبولها حرية شخصية، والحرية الشخصية هي أساس الليبرالية، ولكن المتلبررون العرب لم يعجبهم أن يمارس إنسان حريته الشخصية منطلقاً من دينه الإسلامي، فالحرية الشخصية الوحيدة التي يؤمنون بها هي ما يمارسه الناس من انسلاخ عن الدين، أما حريتك في التدين فسلام على ليبراليتهم المزعومة! أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها، مقال هنا، تغريدة هناك، تصريح هنالك، ينعتون الرجل بالتخلف، وأنه قد فضحنا أمام الناس! وأنه كان يجب أن يحترم المسابقة التي هو فيها، وكأنه مشارك في مسابقة اقدم نبيذ، وأجود فودكا، لا في كأس العالم لكرة القدم!
الغريب أنه في بلاد الليبرالية الحقيقية- على تحفظاتي الكثيرة- تم رفض جائزة نوبل للأدب أكثر من مرة، ولم يقل أحد أن هذا تخلف ورجعية، وأن رافض جائزة نوبل كان عليه أن لا يكتب من الأساس! على العكس اعتبروا الأمر حرية شخصية، وليس لأحد أن يُجبر أحداً على قبول جائزة تتعارض مع قيمه ومبادئه!
الجميل في الأمر، أن المتلبررون العرب تلقوا صفعة من الليبراليين الحقيقيين، فقد قررت الفيفا ألا تكون شركات الخمور هي راعية الجائزة إذا فاز بها لاعب مسلم، وهذا ما حدث عندما تم اختيار الحارس المغربي كأفضل لاعب في المباراة التي جمعت منتخب بلاده في مواجهة المنتخب الإيراني!
وهكذا أثبت المتلبررون العرب مرة أخرى أنهم ليسوا عاراً علينا فقط، إنهم عار حتى على الليبرالية!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/06/2018
2514