+ A
A -
بلا شك، هي خطوة نوعية مُتقدمة جداً، تلك القمة الرئاسية في سنغافورة يوم 12 يونيو 2018 الجاري، التي جَمَعَت الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون. فقد كانت لحظة تاريخية فارقة بين عدوين لدودين من أصحاب الرؤوس الحامية، وصلت بهما الأمور خلال الأشهر الماضية لتبادل التهديدات النووية المباشرة، وعبر وسائل الإعلام، حين كَرَرَ كلِ واحدٍ منهم بأنه يقبض الآن على الأزرار النووية بانتظار اتخاذ قرار التنفيذ، لذلك بدا مشهد اللقاء بينهما استثنائياً، حتى إنّ أحداً لم يكن ليتخيّله قبل أشهرٍ خَلت.
فاللقاء كسر الحاجز النفسي وفتح الطريق أمام مسارٍ سياسي سيكون طويلاً على الأرجح.
هي القمة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين منذ توقف الحرب الكورية عام 1953، تلك الحرب التي انتهت بتقسيم شبه الجزيرة الكورية، وقد أودت بحياة نحو خمسة ملايين كوري، والآلاف من الجنود الأميركيين الذين تُطالب واشنطن الآن باستعادةِ رفاتِ أعدادٍ كبيرةٍ منهم.
هي لحظة تاريخية، أن يقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجهاً لوجه مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، زعيم البلد المُختفي وراء ستارٍ حديدي، والمُسلح بــ «ثقافة الحرب والكفاح ضد الإمبريالية» وفق ثقافة وأدبيات النظام الشمولي الشيوعي، لحظة تاريخية لتصفية ما اعتبره الكثيرين «التركة الأخيرة من تركات الحرب الباردة» التي امتدت منذ نهاية الحرب الكونية الثانية والى لحظةِ تفكك وانهيار منظومة الكتلة الشرقية السابقة وحلف فرصوفيا.
القمة خطوة نوعية كبيرة، والسخاء في الابتسامات المتبادلة بين الرئيسين لا يعني أنَّ الأمور سارت أو ستسير بشكلٍ جيد، فالقمة لن «تُخرِجَ الزير من البير» على حد تعبير المثل الشعبي المتداول في فلسطين وبلاد الشام، وأيّ حديثٍ عن صفحة جديدة بين واشنطن وبيونغ يانغ يبقى محفوفاً بالشكوك.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
15/06/2018
1752