+ A
A -
اثنان وعشرون عاما مضت، على لقائنا الأول في غرفة الإخراج بجريدة الوطن، حين التحق مخرجا صحفيا، قادما من عمان، يحمل في قلبه رغبة في تحقيق الأمان لاسرته التي رافقته، زوجته وابنه الاكبر ايمن ذو السنة وبضعة اشهر.
شاب هادئ صامت يتحدث بعيني فنان، تعارفنا، قريوتي، مخرج عتيق جديد، مع ان عمره حينها كان في أواسط العشرينيات، قدم لي نبذة عن عمله، رسام وخطاط ومخرج صحفي واجيد التعامل مع الفوتوشوب.
وابتدأ اللقاء، التقيه يوميا على مدار سنوات طوال، هادئ رصين رزين لسانه دافئ الا من قفشات ساخرة تنم عن ذكاء يشاركه فيه زميله رئيس القسم الفني علي حمود، في إلقاء القفشات الناقدة الساخرة، لم يقطع فرضا، وكثيرا كان يؤم المصلين، عند غياب قسم الإمامة الذي يضم، ابوزيد وأشرف احمد.
وذات ليلة من ليالي الشتاء قبل ثلاث سنوات وكان يوم جمعة يوم مناوبته الاسبوعية، وجدته مطرقا، مفكرا ودمعة في عينه، وحين اقبلت عليه أسأل عن الأمر، لم يفصح، لكن قال (انا لله وانا اليه راجعون).
فقلت له نعم ايها المنيب التائب، فابتسم، وقال الحمد لله، فقلت انت مطر منيب، أي غزير، قال نعم هذا من معاني اسمي، فقلت له انت بستان منيب، أي مخضوضر، وهذا من معاني اسمك.
لم اجده في الأسبوع التالي فقد سافر ليبدأ رحلة علاج انتهت بوفاته، رحمه الله، عزاؤنا انه كان صالحا وأنجب ثلاثة شباب ايمن وأيهم ومحمد واختاً من الصالحين، مع ام مربية فاضلة تنشئ اجيالا في المدرسة الفلسطينية تعلمهم ما آمن به أبو ايمن عشق الوطن فلسطين والولاء للوحدات، وقلبه يهفو إلى قريوت، بلدته التي تنام بهدوء على سفوح فلسطين، فلها ولروحه السلام (انا لله وانا اليه راجعون ).
كلمة مباحة
اكثر المؤتمرات العربية تبدأ بحب خشوم وتنتهي بجريمة، واخشى من جريمة قادمة .

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
12/06/2018
1836