+ A
A -
غرقت شلّةُ أبي أدهم في حوارٍ متشعِّبٍ، تركّز على مكان عقد الاجتماع القادم لأفرادها، المسألة جِدُ خطيرةٍ، وهي مش عاوزة «لَغْوَصة» وكما أشار كبير القعدة، الذي حسم الحوار:
- شوفوا يا جماعة، نحن اعتدنا أن نحلَّ مشكلاتنا، فيما بيننا، فنتحاور، ونتخرَّف في أحد المقهييْن الأثيريْن: مقهى ذيل الكلب، أو مقهى الأنذال، اختاروا لنا واحداً منهما.
قفز الحمساوي:
-ضاعت، ولقيناها، صدّقوني ما فيه أطيب من مقهى ذيل الكلب، لهذا الحدث الجَلل، مكان يشرح الصدر، والزغاليل هناك بتردّ الروح.
- طلعت روحك يالبعيد، أي هو هذا وقته؟ قال أبو شفيق النّكد. تدخّل السوسة أبو أحمد، ومال على مريده الكبيرِ أبي أدهم وهمس في أذنه:
-لا داعي للاختلاف، خلّينا نروح مقهى الأنذال، هناك نحتسي «سحلب سخن»، ونأكل وُرَب بالكريمة.
شمّعوا الفتلة، وتنادوْا إلى مقهى الأنذال، في اجتماعٍ طارئٍ غلبت عليه برودةُ الجوِّ وغزارةُ الأمطارِ. هناك تربّع الكبيرُ «أبو أدهم»، وراح يعبث بكوفيةٍ بنِّيّة اللونِ من الصوف، تلفّع بها لِلَفت الأنظارِ إلى أناقته التي عُرف بها منذ كان فتىً يافعاً يباهي بدمايته الحرير، في قريته كوكبة.
بدأ سكرتير الجلسة، أنيس أبي أدهم وكاتم أسراره «أبو أحمد السوسة» الحوار بالصلاة والسلام على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وبالدعاء إلى الله أن يصلح الأحوال في هذا الشهر الفضيل:
- يا جماعة، قبل أن نبدأ جلستنا، خلّونا نحتسي شراباً ساخناً، ونستفتح بشوية هالوُرَب التي أعدّتها لنا أختنا أم عابد النّكد. على بركة الله، قال الجمع بصوْتٍ واحدٍ. وثنّى أبومحمود على افتتاحية السوسة:
- ما تخافوش على أوزانكم، هناك شايٌ للتخسيس في السوبر ستور، اللي في يدفورد، يُفقد النفر منّا عشرة كيلوات من وزنه في مدّة شهرٍ واحدٍ.
- حيلك، قال أبو عابدٍ النكد، الحُرمة ما حسبتش حساب الواحد منكم بأكثر من وربتين اثنتيْن، بلاش فجع. ضحك الجميع، واحمرّ وجه أبي محمود الذي لا يفقه ما طحاها، وراحوا يلتهمون الوُرَب التي غرقت بعسل المابل ليف، في هذا الجو الزمهريريّ.
افتتح الكبير الجلسة، ويده لا تزال تعبث بكوفيته الصوف، بنية اللون الجديدة، فيما تدلّت مسبحةٌ من الفيروز من أصابع يده الأخرى:
- يا سلام على خطبة رئيسنا! يا زلمة انت وهوّ، عليّ الرحمة ما ترك لهم ستراً. نطّ السوسة:
- وإيش قال؟
-ما سمعتش؟ طالب المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الأوروبية، بالاعتراف بدولة فلسطين، في الحدود التي كانت قائمةً قبل الخامس من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
- ياه!! هوّ قال كده؟ والله هيك الزعماء ولّا بلاش!
كانت الشلّة قد أتت على وُرَب أم عابدٍ النكد، وراحوا يحتسون السحلب الساخن، فيما كان أبو خالدٍ الببغاء يردّد:
- أي هالكلمة أهلكت ترامب، الله لا يرفع له حيل.
أنهى السوسة اللقاء، وقال بصوته الأجشّ بتأثير لفحة برد:
-الجمعة الجاية لقاؤنا- بعد إذن الكبير- في مقهى ذيل الكلب، حسب رغبة الحمساوي، تعيشوا يا هالربع.
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
08/06/2018
2022