+ A
A -
تعـتبر الغـيرة من المشكلات الشائعة بين أفـراد الأسرة الواحدة، ويعاني الكثير من الآباء والأمهات من هـذه المشكلة التي قـد تؤدي إلى صراعات مستمرة في البيت ومشاجـرات بين الإخـوة، مما قـد يؤدي إلى خلق جو من التوتر وإلى شعـور قـوي بالانزعاج لدى الأبوين، ومع أن الغـيرة وما يتولد عـنها من تنافـس بين الأشقاء هي أمر طبيعي في معـظم الحالات، إلا أنها تصبح مشكلة في حالات معـينة تستدعي أن يبذل الآباء جهدا في معالجتها، أو أن يستعـينوا بالمرشدين التربويين في المدارس من أجل ذلك.
وتصبح الغـيرة مشكلة تستدعـي الاهـتمام عـندما تؤدي إلى ظهـور مشاعـر عـدوانـية عالـية بـيـن الإخوة يتم التعـبير عـنها لفظيا أو سلوكـيا بالشتم أو الضرب أو تدبير المقالب العملية، وفي الحالات الحادة قـد تستمر الكـراهـية بـين الإخـوة إلى فـترات لاحقة في الحـياة وتعـطل إمكان نشوء العلاقات الأخـوية السليمة التي يقـدم فـيها الإخـوة دعـمهم لبعـضهم البعـض، هـذا الدعـم الذي يعـطي شعـورا بالأمن للجميع، وعـندما لا تولـد الغـيرة مثـل هـذه المشاعـر العـدوانـية وما يـنـتج عـنها مـن سلـوك عـدواني فإن عـلى الوالدين أن يبديا بعـض التسامح حـيال المشاجرات البسيطة التي يمكن أن تقع بين الإخوة، وعـلى الوالدين أن يبذلا كل جهد ممكن للحيلولة دون ظهور المشاعـر العـدوانية بين الإخوة، ودون ظهـور الغـيرة لكي تصبح مشكـلة حادة تسمم العلاقات الأخـوية وتضفي طابع الـتوتر عـلى جو البيت.
ومن الأساليب الـتي يمكن استخدامها للوقاية من تحول الغـيرة إلى مشاعـر عـدوانـية، أن يبدي الوالدان اهـتماما فـرديا بكل فـرد من الأبناء، فإذا شعـر الأبناء أن أحـد الإخوة يعامل معاملة خاصة، فإن هـذا الابن يمكن أن يصبح موضوعا لمشاعـر الغـيرة.. والـتحيز لأحـد الأبناء يظهـر في السلوك، كما يظهـر في التعـبيرات اللفظية، إذ قـد يعـلـن أحـد الأبوين أو كلاهما عـن الحب والتقـدير لابن معـين، وقـد يقومان بالإشادة بهـذا الابن والتحدث عـن مناقـبه وعـما يفعله في كل مناسبة، كما قـد يظهـر هـذا الـتحيز بالود الزائد والتسامح حيال الأخطاء وشراء الهدايا والمصروف وغـير ذلك.
وكثيرا ما تظهـر مثل هـذه الـتصرفات لـدى الأبوين حيال الابن الذكـر عـلى حساب الابنة الأنثى، وخاصة عـندما يكون الابن هـو الذكـر الوحيد بين مجموعة الـبنات، ويؤدي مثل هـذا الوضع إلى تشكل مشاعـر عـدوانية، بالإضافة إلى شعـور الأخوات بالظلم، وعـدم العـدالة عـلى نحو قـد يؤثـر بشكل سلبي عـلى العلاقات الأخوية فـيما بعـد.
إن من الطبيعي أن يحتاج الطفل الأصغـر إلى رعاية أكـثر، كما أن من الطبيعي أن ينتقـل جـزء من اهـتمام الوالدين إلى الطفل حديث الولادة، لذا.. فإن من الضروري توضيح هـذا الوضع لباقي الأطفال وتهيئتهم لقـدوم الطفل الجديد وإعلامهم بأن الطفل الجديد سوف يضيف إثارة ومتعة إلى جو الأسرة، وإنه بنفـس الوقـت سوف يتطلب جهـدا إضافـيا، ولذا.. فإن من المتوقع أن يساعـد جميع أفـراد الأسرة في تحمل أعـباء مجيء الطفل الجديد.
ويقـدم الوالدان في سلوكهما القـدوة الحسنة لأبنائهما فـيما يتعـلق بمشاعـر الـود والمحـبة وسلوك الـتعاون والاهـتمام بالآخـرين، فإذا عـبر الوالدان عـن مشاعـر عـدوانية تجاه الأخوة أو الأقارب أو الناس بشكل عام فإن من المتوقع أن يتعـلم الأبناء وخصوصا الأطفال مثل هـذه المشاعـر من خلال تقليدهم للوالدين، أما عـندما يُظهـر الأب مشاعـر الحب نحو أهـله وأقاربه وأهـل زوجـته، وتُظهـر الأم المشاعـر ذاتها نحو أهـلها وأهـل زوجها، فإن الأبناء يتعلمون أن يحملوا مشاعـر ايجابـية نحـو بعضهم البعـض وينبغي أن يتذكـر الوالدان بأن هـذه المشاعـر الإيجابية التي تظهـر بين الإخوة سوف تُسهم في إيجاد جـو ودي في البيت، كما تسهم في استمرار العلاقات عـلى نحـو ايجابي بـينهم حـتى بعـد أن يكبروا ويستقل كل منهم في أسرة منفصلة.
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
01/06/2016
10829