+ A
A -
جميل ان نبني المنشآت من المدارس والجوامع والجامعات، وان نبني المصانع والمستشفيات وان نفتح الانفاق ونقيم الجسور ونعبد الطرقات..ولكن الاجمل والاروع والاجدى ان نبني الوعي ونبني الانسان ونصنع الرجال.
لقد خسرنا كل معاركنا الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية لاننا اهملنا صناعة الرجال.. كم كان يطربني حديث وزير الاوقاف المصري السابق عبد العزيز كامل حين كان يقول بنينا المسارح واقمنا دور السينما والملاهي والمراقص..فخسرنا معاركنا كلها..
حتى معركة السلام خسرناها.
وكم هو مؤلم ان تنجح مؤسسات بناء الفكر الهابط في بناء جيل كل امنيته ان يرقص ويغني ويهز وسطه وقفاه أمام الشاشات.فيما من يقولون انه عدوهم يرسل ابناءه إلى مراكز الاعداد الديني اولا ثم التدريب العسكري ثم تزج به في المعركة فيكون مسلحا بالدين والخلق ومدربا على حماية وطنه وعقيدته وامته..ومن سلفنا في تربية الرجال عبرة .
يقول ابن كثير بعد ذكره تفسير الآية: ? فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ? .
فَقَوْلُهُ: ? رِجَالٌ ? فِيهِ إِشْعَارٌ بِهِمَمِهِمُ السَّامِيَةِ، وَنِيَّاتِهِمْ وَعَزَائِمِهِمُ الْعَالِيَةِ، الَّتِي بِهَا صَارُوا عُمَّارا لِلْمَسَاجِدِ، الَّتِي هِيَ بُيُوتُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَمَوَاطِنُ عِبَادَتِهِ وَشُكْرِهِ، وَتَوْحِيدِهِ وَتَنْزِيهِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ? مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ? .
وهنا لا بد من صناعة الرجولة.
إنها الصناعة المقدسة والفريدة في الإسلام.
تلك الصناعة الربانية في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم تُعنى أكثر ما تعنى بصناعة الرجال الذين يحملون المنهج غضاً قوياً على أكتافهم إلى سائر أصقاع الأرض.
إنه التفتيش عن الأبطال بين ركامٍ هائلٍ من تدني الأخلاق، وتدنس النفوس، وخور العزائم.
 ومن المؤلم حقا ان نأخذ من الحضارات قشورها فنلهث خلف التوافه..ونزج بمن يحملون مشاعل التنوير في السجون ونترك من يعملون على هدم الامة طلقاء يكيدون لمن يريد اصلاحا.
وللحق..اننا نلمس في قطر صناعة جديدة للرجال تتمثل بهذه الروح التي صمدت في وجه الحصار ولم تنزلق إلى ما انزلقت اليه فئات ضالة ارادت العبث بالنسيج الاجتماعي لمنظومة خليجية فريدة من نوعها في وطننا العربي المنكوب.
قطر تصنع الرجال جنبا إلى جنب مع بناء الاوطان واني لاتطلع ان تدرس الجمعيات الخيرية كيف يصنع الرجال لتساهم وتشارك الدولة في صناعة الرجولة.
كلمة مباحة
عندما تهتز شوارب لكارثة وطن تكون هناك رجولة.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
21/05/2018
11719