+ A
A -
بعد اتفاق الأصحاب على مكان عقد اجتماعهم الطارئ في «مقهى الأنذال» نزولاً على رغبة «أبو خالد الببغاء» الذي فتح الله عليه بعبارةٍ، أطربت كبير القعدة «أبوأدهم»، وهي: «من كان منكم بلا خطيئةٍ، فلْيرمها بحجرٍ»، تهيّأ الصحب لحضور الاجتماع الذي خشوْا ألا يسفر عن قراراتٍ حاسمةٍ، لعلّ أهمها: إراحة الجمع من «أبوعابدٍ» النّكِد، وأبو مؤمن الحمساوي، فهما كما يصفهما أبو أحمد السوسة: «زيّ الشَّحمة والنار»،لا يلتقيان إلا ويتكهْرب الجو، ذلك لأن النّكد يمسك على الحمساوي مآخذ قبل أن يهديَه الله، فيتوب عن رفقة السَّرسريّة، والشَّلَقطيَّة..
أيامها كان الحمساوي شابّاً فارداً صدره للدنيا يقول لها:
- يا أرض اشتدّي، ما عليكِ قدّي.
وكان أبو عابد النّكِد إذ ذاك مكسور الخاطر، على قد حاله، يقسم بالله أنه لم يغادر أرضَ المخيَّم الذي كان يقطنه، إلى المدينة ملعب الحمساوي التي كان فيها واحداً ممن يُشار إليهم، بسبب شطارته، وتمكّنه من العبور إلى مجتمعٍ يعرف أفراده الأبواب الخلفية للوصول، كرشوة فلانٍ بزجاجة منكر، أو السمسرة لفلانٍ للفوز بصفقة، ولا مانع لديه من القيام بأعمالٍ مكيافيلية أخرى،على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
هذا الماضي ترك شرخاً غائراً في نفسية «أبوعابد» النّكد، وأقسم، بينه وبين نفسه، أن يكشف كل هذه الكلاكيع التي يحملها للسيد الحمساوي، بعد أن ساوت الغربة بينهما في بلاد الله الواسعة.
قال الكبير:
-اتفقنا يا جماعة، خلّينا نلتقي غداً في «مقهى الأنذال»، والتفت إلى الببغاء:
- وانت يا بوخالد مش ضروري تغلِّب نفسك، وتتعب الحُرمة، هاتِ لنا معك صينية «وُرَب» بالجبنة النابلسية، وغرِّقها بالقطْر.
أجابه الببغاء:
- وانت جيت على جمل، صينية الوُرَب بكرة حاضرة، والوَربات محطوطات في علبة على كيف كيفك، علشان أهل المقهى ما يعترضوش. لكن أجبني: لمَ الحلو؟
- خلّيني أبقّ لك البحصة، علشان بكرة يصادف عيد ميلاد أخينا «ابو أحمد» السوسة و.. قاطعه أبو أحمد:
- عليّ الرّحمة لولا أن أم أحمد غايبة عند البنات، ما خلّيت هالزلمة يمنّ علينا بشوية وربات..
- تصدّق بالله؟ قال الببغاء: أنا عمر شمالي ما عرفت ماذا قدّمت يميني، يا سيدي كل سنة وانت طيب، وعقبال ما ناكل كنافتك.
تضايق الكبير من لسعة هذه القفشة، وبخاصّةٍ وأنها على حبيبه وكاتم أسراره:
- مش عاوزين ورباتك ولا عاوزين الاجتماع من أصله، لما ربنا يفرجها عليكم ابقوا اجتمعوا.

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
11/05/2018
2365