+ A
A -
تحقيق- أنس عبد الرحمن
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، إعلانات عن دور غير قانونية لحضانة الأطفال، وتجد هذه الدور التي تستقبل الأطفال في شقق مغلقة إقبالاً كبيراً من واقع المقابل المادي القليل الذي تقبل به مقارنة مع دور الحضانة القانونية.. وعلى الرغم من أن عقوبة إنشاء حضانة أطفال دون ترخيص من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تصل إلى الحبس عامين وغرامة قدرها 100 ألف ريال؛ وفقاً لقانون تنظيم دور الحضانة؛ نجد أن انتشار الحضانات غير القانونية بات في تزايد مستمر.
ويشرف على الحضانات غير القانونية مشرفون غير مؤهلين أكاديمياً، في حين لا تتوفر في هذه الحضانات الشروط المطلوبة لاستقبال الأطفال، إذ تنشأ في شقق سكنية مغلقة مما يعرض الأطفال لخطر الاصابات والأمراض، فضلاً عن عدم رعايتهم بالطريقة العلمية في مثل هذه السن.
ويتخوف خبراء من اعتماد الأسر لهذه الحضانات كحل بديل، لافتين إلى ضرورة أن تكون دور الحضانة مؤهلة لاستقبال وتعليم الأطفال وتهيئتهم للالتحاق بالدراسة، وفي أجواء تناسب مرحلتهم السنية الباكرة، وفي وجود خدمات ووسائل حماية تطمئن أولياء أمورهم على وجودهم داخل هذه الدور، مشيرين إلى أن أصحاب الحضانات غير القانونية يهدفون إلى تحقيق مكاسب مادية سريعة، مطالبين إلى فرض رقابة صارمة على هؤلاء، وتطبيق القانون عليهم.
في المقابل يرى البعض أن قلة أعداد دور الحضانة المرخصة فتح المجال أمام اللجوء للدور غير القانونية، مشيرين إلى أن الحل يكمن في زيادة أعداد دور حضانة الأطفال المرخصة، وإنشاء أخرى تابعة للوزارات والمؤسسات الحكومية، في ظل الإقبال المتزايد للمرأة على العمل، إضافة إلى تحديد سقف أعلى لرسوم الدور.
حالات تعد
وفي حديثها مع «الوطن» كشفت السيدة هادية بكر المرشدة النفسية بمركز الاستشارات العائلية، عن تسجيل المركز لعدد من حالات التعدي اللفظي والجسدي على الأطفال من قبل مشرفين على حضانات غير قانونية، مشيرة إلى ان التعامل مع هذه الحضانات يؤدي إلى انحرافات سلوكية عديدة لدى الأطفال، مصدرها جلساء هذه الحضانات الغير مؤهلين علمياً أو نفسياً للعب هذا الدور.
وقالت إن مركز الاستشارات العائلية تعامل مع حالات سلوكية سالبة أصابت عدد من الأطفال، في مقدمتها علامات الانعزال التي تظهر عند الطفل نتيجة الإقصاء والإبعاد الذي يتعرض له من الحاضنة أو جليسة الأطفال، بالإضافة إلى عدوانية تظهر عند بعض الأطفال بسبب أعمال العنف الموجهة ضدهم، مشيرة إلى أن المركز في مرة من المرات تواصل مع واحدة من المشرفات على حضانة غير قانونية لمعرفة الحقائق بخصوص طفل ظهرت عليه آثار اعتداء، ولم تتجاوب معنا المشرفة إلا بعد أن تم تهديدها باللجوء إلى القانون، وأشارت بكر إلى حالات عنف متعددة تتم بعيداً عن عيون الأهل الذين في الغالب لن يلاحظوها إلا بعد فوات الأوان.
وأوضحت بكر أن هدف الحضانات غير القانونية هو جمع المال، لذلك نجد أن أعمار الأطفال الموجودين في الحضانة غير متناسقة، وفي ذات الوقت يكونون مجتمعين في مكان واحد. مؤكدة أن التعامل مع الطفل في هذه المرحلة العمرية يحتاج إلى مهارة عالية تتوفر بالتعليم والتدريب والتهيئة النفسية، وبالنظر إلى حاضانات الأطفال غير القانونيات فإن خلفيتهن الثقافية والتعليمية وحتى الأخلاقية غير معروفة، فربما تكون خلفية هذه الحاضنة مرتبطة بجرائم على سبيل المثال.
وتقترح السيدة هادية بكر المرشدة النفسية عددا من الحلول، في مقدمتها توفير الجهات المعنية دور حضانة للأطفال بأوقات مرنة، تعمل في فترات مختلفة، لمساعدة الأسر التي تلجأ للحضانات غير القانونية بسبب جدول أعمال الحضانات القانونية؛ بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الأولى، مشيرة إلى ضرورة تبليغ الأهالي عن أي حضانات غير قانونية، ونصحت بكر الأسر باللجوء في أسوأ الأحوال إلى جليسة أطفال داخل منزل الأسرة.
آثار سلبية
وحول الأثر السلبي الذي تتركه الحضانات غير القانونية على الطفل؛ تقول السيدة فاطمة المالكي، ان امكانية تعرض الطفل للعنف الجسدي واللفظي والإساءة من أي شخص داخل منزل السيدة صاحبة الحضانة غير القانونية أمر جائز في ظل عدم الرقابة وغياب التأهيل الذي تتسم به هذه الدور، بالإضافة إلى عدم احتواء الحضانة غير القانونية على أجهزة وادوات السلامة المطلوبة، مما يعرض حياة الطفل للخطر أو للثلوث أو الاصابات، مشيرة إلى أن السيدة التي تشرف على الحضانة غالباً قد لا تكون قد حصلت على الفحص الطبي اللازم، أو شهادة خلوها من الجرائم الجنائية؛ وبالتالي أهليتها للقيام بدور المربية للطفل.
وأضافت المالكي: «لا توجد جهة رقابية للإشراف ومراقبة المنهج الذي سيتم تدريسه للأطفال، وهنا يكمن سؤال مهم؛ هل هذه الحضانة حاصلة على مؤهل تربوي أم لا؟ وما الافكار التي ستقوم ببثها لعقل الطفل؟
وعن كيفية مكافحة وحصار هذه الدور وتخليص المجتمع منها، ترى السيدة فاطمة المالكي أن تشديد الرقابة من الجهات المعنية ومراقبة واغلاق الحضانات غير القانونية هو أول خطوة في طريق الحل، كما أن لأفراد المجتمع دورا في الإبلاغ عن أي اعلان بخصوص ذلك.
ونصحت المالكي الأسر بقولها ان اطفالنا فلذات أكبادنا فلا نبخل عليهم بالمال والوقت؛ في ظل ارتفاع سعر الحضانات المرخصة، والوقت يتمثل احيانا في أن الحضانات القانونية تكون بعيدة عن المنزل فتضطر الام لترك الطفل بحضانه قريبة غير قانونية.
شروط ملزمة
ويشترط قانون دور الحضانة في قطر فيمن تتولى الاشراف على دار الحضانة أو ادارتها أو العمل بها عددا من الشروط، في مقدمتها أن تكون حاصلة على مؤهل علمي مناسب، وخالية من الأمراض، وأن تثبت لياقتها الصحية بشهادة طبية، على أن تكون حسنة السيرة والسلوك؛ وألا يكون قد سبق الحكم عليها في جريمة مخلة بالشرف أو الامانة، ما لم يكن قد رد اليها اعتبارها.
فهل تتوفر هذه الشروط في حاضنات المنازل؟ ومتى تتخذ الجهات المعنية الإجراءات اللازمة حيال ذلك؟
copy short url   نسخ
14/01/2017
10316