+ A
A -
مازن حماد
إسرائيل قائمة فعلاً، لكن قيامها تنغص عليه مجموعة من القواعد والأسس والسياسات الأوروبية الجدية التي تجعل الاستيطان كابوساً أكثر منه مساعداً حقيقياً لدعم الاقتصاد الإسرائيلي، أو دمج اقتصاد المستوطنات باقتصاد الدولة المحتلة.
وفي الوقت نفسه فإن حملة (BDS) الهادفة إلى مقاطعة إسرائيل ومعاقبتها وسحب الاستثمارات منها، تعطل ما تتطلع إليه حكومة نتانياهو من منحها فرصة لتدعيم وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي واعتباره عملاً واحداً ونشاطا موحداً على امتداد فلسطين، المحتل منها أو الواقع في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود في الضفة، والموالي لإسرائيل.
وما من شك في أن إسرائيل المعتدية والمغتصبة والعنصرية والاستعمارية، تعاني من سوء سمعة ومن انهيار شديد في شعبيتها على امتداد العالم. والدولة العبرية في الواقع مفضوحة، وعاجزة عن تخطي عقبة الاستيطان وعقبة الـ (BDS) وهي مؤسسة عالمية اخطبوطية تحقق نجاحات كبيرة على صعيد تذكير الليكود وبقية الحكام اليمينيين في القدس المحتلة، بأن ذلك التكتل اليميني مجرد حزب عنصري فاشي نازي التوجه، لا يملك القدرة الأخلاقية على شرعنة وجوده، أو حقن الاقتصاد القائم على أعمدة منهارة، بإسناد فعلي يجعل اقتصاد الاستيطان اقتصاداً مقبولاً من المجتمع الغربي، أو يجعل حركة (BDS) مجرد محاولة غير مجدية رَغم كشفها المخطط الإسرائيلي العاجز فعلاً عن الاستفادة من الموضوعين المترابطين، أي الاستيطان وإفشال حركة المعاقبة العالمية التي تحقق النجاح تلو النجاح في جميع القارات.
وقد مرّ أكثر من سنة على نشر الاتحاد الأوروبي إرشادات لفصل اقتصاد المستوطنات عن الاقتصاد الإسرائيلي، واعتبار اقتصاد الضفة الغربية مفصولاً عن الاقتصاد الموحد لكل المناطق، وهو اقتصاد
يسعى إليه الحكم العنصري هناك دون جدوى.
وترفض أوروبا بعناد توجهات صناع القرار الإسرائيليين الذين يبنون دراساتهم على أساس وحدة المصير بين الاستيطان وإسرائيل، حيث يسعى هؤلاء المسؤولون إلى فتح فروع مثلاً لشركات الهواتف النقالة العاملة في مدن إسرائيل، في المستوطنات، وتشجيع المواطنين على شراء المنازل والغاز والكهرباء والبنزين من المؤسسات والشركات الكبرى ومن ثم نقلها إلى النقاط الاستيطانية، كما لو كانت جميعها جزءاً من دولة إسرائيل الواحدة التي تضم الأراضي المحتلة عام «1948» والمستوطنات المقامة في الضفة، بل وتضم الضفة نفسها مع القدس كاملة، من خلال القتل الرسمي لخيار الدولتين.
وإذا كان المخطط الليكودي قد فَعّل في الأسابيع الأخيرة مساعي «شرعنة» الاستيلاء على الأراضي الخاصة للأفراد الفلسطينيين بهدف التوسع في البناء وسرقة ما تبقى من الأرض، فإن حملة معاقبة إسرائيل تعطي نتائج إيجابية على صعيد كشف عنصرية ولصوصية الحكم الاستبدادي في فلسطين، كما ينضم كل يوم عشرات الآلاف من الغربيين إلى مشروع (BDS) لإيمانهم بضرورة الاقتصاص من الدولة التي احتلت أراضي الفلسطينيين وتسرقها اليوم بدم بارد.
copy short url   نسخ
02/12/2016
745