+ A
A -
تحقيق- حسام وهب الله
«نوفر لكم خادمات وخدما من الفلبين بعقود سنوية وبأقل تكلفة استقدام ممكنة»..
هذه الكلمات هي مضمون رسالة نصية تصل لآلاف المواطنين والمقيمين بين الحين والآخر تبشرهم بإمكان الحصول على العمالة المنزلية التي يبغونها بسهولة ويسر وبأرخص رسوم ممكنة، حيث استجاب الكثير من المواطنين والمقيمين لإغراء تلك العصابات التي صنعت سوقا خارج القانون للتأشيرات، وفي معظم الأحوال يواجه المواطن الذي يستعين بـ «تجار الشنطة» لاستقدام خادمة أو سائق أو ما شابه معضلة عدم ملاءمة الشخص الذي تم استقدامه للعمل.
أو اكتشاف أن طباع الخادم أو الخادمة أو السائق جافة أو يفتقدون لحسن السير والسلوك ليكتشف المواطن بعد فوات الأوان تعرضه للنصب والاحتيال، وهو ما يطرح سؤالا في غاية الأهمية وهو: كيف نواجه سماسرة السوق السوداء في مجال استقدام العمالة بشكل عام، والمنزلية منها بشكل خاص؟ طرحنا السؤال على عدد من المختصين والقانونيين ورصدنا إجاباتهم في التحقيق التالي:
السير والسلوك
يقول رجل الأعمال صقر إبراهيم إن مشكلة انتشار تلك النوعية من التجار الذين اصطلحنا على تسميتهم بتجار الشنطة، أو سماسرة السوق السوداء، تكمن في أنهم يأتون بمن هب ودب من الخدم والعمالة إلى بلادنا وعندما يعتمد المواطن أو المقيم على شخص مجهول ليأتى له بخادمة أو سائق أو خلافه فهو– المواطن أو المقيم– يعرض نفسه وأسرته لخطر داهم يتمثل في إمكانية أن تفتقد الخادمة أو الخادم لحسن السير والسلوك، بعكس التعامل مع المكاتب المعتمدة من قبل الجهات الحكومية المختلفة لأن تلك المكاتب تتحرى جيدا قبل استقدام أي عامل من الخارج وتتأكد جيدا من حسن سير وسلوك هذا العامل، وأنا هنا أطالب بضرورة تبني حملة توعوية مكثفة لإظهار خطورة التعامل مع سماسرة استقدام العمالة بعيدا عن الرقابة الرسمية حفاظا على أمن المواطن القطرى وحفاظا على صورة دولة قطر.
يضيف رجل الأعمال الذي يملك مكتبا للاستقدام: لا بد هنا أيضا من أن نشير إلى ضرورة تفعيل القانون الذي يؤكد في المادتين 28/ 29 أن استقدام العمالة من الخارج مهمة المكاتب المرخصة من قبل الوزارات المختلفة، حيث تحث تلك المواد الجميع على جلب العمالة من المكاتب المرخصة بل إن القانون يفرض عقوبات مغلظة على المخالفين الذين يقومون بالتكسب من وراء استقدام الخدم والعمالة الوافدة بشكل عام، لأن المشرع أدرك مبكرا أن عدم ضبط مجال الاستقدام وحكمه بالقوانين سيؤدي إلى انفلات كبير في هذا المجال بالتحديد، وأقل ما سيسببه من أضرار أنه سوف يؤدي إلى جلب عمالة غير مؤهلة التأهيل الكافي، ليس هذا فحسب بل قد تأتي عمالة مريضة وغير مرخصة طبيا أو عمالة ذات سجل إجرامي بما يعني أنها غير لائقة أمنيا ولنتخيل مخاطر كل تلك الأمور فقط لأن المواطن حاول أن يحصل على عمالة رخيصة دون النظر إلى تداعيات التعامل مع شخصيات مجهولة لا علاقة له بها سوى رقم هاتف أو اسم مستخدم على الفيس بوك أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعى.. باختصار فإن التعامل مع المكاتب المعتمدة يعني المجيء بعامل مدرب وتستطيع الشركة أن تراجع شركة جلب العمالة إذا اكتشفت خطأ في العامل المستقدم أما في حالة التعامل مع تجار الشنطة فأنت تتعامل مع الوهم ولا تستطيع التراجع في حالة وجدت العامل الذي طلبته معيوب.
يضيف إبراهيم: لا بد أن يعي الجميع أن اتباع قوانين جلب العمالة يؤدي إلى تحقيق مصلحة المواطن القطري والدولة فلابد أن تتم توعية المواطنين والمقيمين على حد سواء بخطورة جلب العمالة بشكل عام والمنزلية منها بشكل خاص بطريقة بعيدة عن شركات الاستقدام المعتمدة وخطورة التعامل مع السماسرة أو التعامل مع أصحاب الصفحات الوهمية على الفيس بوك أو أصحاب أرقام الهواتف التي تقوم بإرسال رسائل يزعمون من خلالها قدرتهم على توفير خادمة أو سائق أو خلافه.
لجنة التنظيم
من جانبه يقول راشد المضاحكة، رجل الأعمال المتخصص في مجال استقدام العمالة من الخارج: للأسف فقد انتشرت مصائب العمالة المنزلية في ظل التساهل مع السماسرة وتجار التأشيرات وعدم تطبيق مواد القانون التي تجرم تلك التجارة وتمنعها حفاظا على أمن المواطن من ناحية وصورة وطننا الحبيب من ناحية أخرى، وقد فوجئنا مؤخرا بجرائم من نوعية قيام الخادمات بتصوير المنازل التي يعملون فيها غير عابئين بثقافة وقيم وتقاليد مجتمعنا لأن من جلبهن للعمل لم يهتم سوى أن يحصل منهم على سعر التأشيرة التي منحها لهم وكذلك عقد العمل وحصل على مبلغ مماثل من المواطن الذي ألحق الخادمة للعمل لديه ولم يهتم حتى بتلقينها بكيفية العمل في المنازل القطرية وهو ما تسبب في تلك المصائب لهذا فمن المهم أن تتم المواجهة الأمنية بأسرع ما يمكن مع كل من يتجرأ ويعمل في مجال استقدام العمالة دون الحصول على التراخيص اللازمة ولقد سبق وأثرنا تلك القضية في لجنة تنظيم مكاتب الاستقدام التي شكلتها الحكومة بالتعاون مع أصحاب مكاتب الاستقدام وحصلنا كممثلين لأصحاب المكاتب على وعد بالنظر في عمل هؤلاء السماسرة غير الشرعيين ومواجهتهم بكل السبل القانونية ولكن للأسف توقف عمل اللجنة ولم يتوقف نشاط السماسرة والمتابع لسوق التأشيرات القطرية سيجد أن هناك شخصيات بعينها تقوم بالمتاجرة في تلك التأشيرات وكثير من رجال الأعمال المتخصصين في مجال استقدام العمالة من الخارج يتعرضون لإغراءات لبيع التأشيرات التي يحصلون عليها ولكنهم يحترمون قيمة البلد الذي ينتمون له ولا يفرطون في تأشيراتهم إلا وفق القانون.
وطالب المضاحكة بضرورة تطبيق القانون بحسم مؤكدا أن إدارة تفتيش العمل تستطيع القضاء على تلك الظاهرة في فترة وجيزة للغاية حماية للمواطن وحماية للعامل الأجنبي المسكين الذي يدفع مبالغ مالية كبيرة مقابل التأشيرة ويأتي ليفاجأ بعدم وجود عمل أو يفاجأ بأنه مضطر للعمل في عدة وظائف حتى يستطيع تدبير قيمة ما استدانه للحصول على تلك التأشيرة نحن لا نريد سوى تطبيق قوانين جلب العمالة من الخارج.
التصدي السريع
يقول السيد حسن الحكيم، رجل الأعمال وصاحب إحدى شركات الاستقدام: للأسف الشديد فإن انتشار سماسرة العمالة المنزلية أمر يتزايد بمرور الوقت وإذا لم نسع للتصدي له بأقصى سرعة فإن الخطورة ستتصاعد بل إن صمت الجهات الحكومية على تلك الآفة تهدد الاقتصاد الوطني المتمثل في رجال الأعمال القطريين الذين يستثمرون في هذا القطاع المهم ناهيك طبعا عن الخسائر التي يتعرض لها المواطن القطري الذي يقع ضحية هؤلاء السماسرة الذين لا يتورعون عن استقدام المجرمين والمجرمات للعمل في قطر طالما أن الخادمة أو الخادم سيدفع مقابل التأشيرة التي يبيعها السمسار لأن الأمر الذي لا يعرفه الكثيرون أن سبب رخص رسوم الاستقدام لدى السماسرة يكمن في أن السمسار يبيع التأشيرة التي يحصل عليها للعامل أو العاملة الذي يرغب في العمل في قطر وبالتالي يحصل السمسار على ربحه حتى قبل وصول الخادمة أو الخادم للبلاد ويصبح كل ما يرغب فيه هو توفير عمل للخادم لهذا يعرض إلحاقها للعمل لدى المواطن القطري بأقل التكاليف الممكنة فقط كي يتخلص من الخادم أو الخادمة وحتى يتفرغ لاستقدام غيرها وهكذا دواليك.
يضيف الحكيم: لابد أن نعي جميعا أن الدولة في مرحلة بناء عظيمة ولهذا لابد من مواجهة تلك الأخطاء التي تحدث بالالتفاف حول القوانين خاصة أن تحايل الشركات الخاصة على القوانين المعمول بها وعدم الاعتماد على شركات الاستقدام المرخصة يؤدي في النهاية إلى جلب عمالة غير مدربة وغير مؤهلة على ممارسة العمل الذي تم جلبها من أجل القيام به فلو التزمت الشركات وتعاقدت من خلال شركات جلب الاستقدام فسوف نقضي على تلك الظاهرة كلها ولو قامت الجهات الحكومية المختلفة بتفعيل القوانين بحسم على المخالفين لما عانينا من تلك الظاهرة التي تؤثر بالسلب على قطر خاصة في مرحلة البناء العظيمة التي نحياها اليوم فلابد من تفعيل القوانين من أجل التصدي لظاهرة بيع التأشيرات وستتوقف ظاهرة قدوم عمالة لا تجيد العمل أو عمالة تشكل خطرا على المنازل القطرية أو تخرق عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الدينية.
تشديد القوانين
حول تفعيل القوانين أو تشديدها يقول المحامي أحمد السبيعي: لا بد أن يعي الجميع أن القوانين الموجودة كفيلة بمواجهة تلك الظاهرة المسيئة ألا وهي ظاهرة جلب الخدم بطريقة غير قانونية فالأمر كله لا يحتاج إلا لزيادة وعي المواطنين بخطورة التعامل مع السماسرة وغيرهم من تجار السوق السوداء الذين يتاجرون بالتأشيرات ويجلبون خادمات أو خدما قد يفتقدون لحسن السير والسلوك أو ممن لا يجيدون العمل أو المرضى أو حتى أن تكون الخادمة مستهترة فكل تلك الأمور لابد أن يراعيها المواطن وهو يبحث عن خادمة لأن تعامله مع المختصين رسميا في مجال الاستقدام سينعكس على أمنه وأمن منزله وأنا أرى أن الجهات الرسمية تبذل قصارى جهدها في هذا الإطار فالعيب ليس في الحكومة ولكن العيب في البشر أنفسهم الذين يعملون على الالتفاف على القوانين سعيا لتحقيق المكاسب المادية حتى لو على حساب الوطن.
يضيف السبيعي: لقد أصبحنا نرى للأسف من يتاجرون في البشر من خلال بيع التأشيرات وهو ما يعني أننا بحاجة لتعديل سلوكيات الناس وفي حاجة لثورة أخلاقية وليس ثورة قانونية كما يدعي البعض بالعكس هناك إجراءات صارمة تتخذها الحكومة ضد المخالفين ولكنك لن تستطيع أن تضبط مخالفا يعمل في الظلام ومفتشي إدارة وزارة التنمية الإدراية يعملون ليل نهار وأنا كمحامٍ أرى بنفسي وأتابع عشرات القضايا التي نجح مفتشو إدارة العمل في ضبطها في الفترة الأخيرة وتم تطبيق القانون عليها بأقصى حسم ممكن.
إجراءات حكومية
على الجانب الآخر أكد مصدر بوزارة العمل أنها تعمل بصورة مستمرة على ضبط مجال الاستقدام ومؤخرا تم اتخاذ العديد من القرارات التي تمنع سماسرة التأشيرات من تنفيذ جرائمهم وكان على قمة تلك الإجراءات أو القرارات قرار باعتماد المكاتب المصدرة للعمالة في الدول التي تتعامل معها قطر لاستقدام العمالة المنزلية وتم التأكيد على أهمية أن تكون المكاتب الموجودة في تلك البلدان مكاتب معتمدة لدى وزارات العمل هناك وكذلك تتميز بحسن السمعة وعدم مخالفة القوانين المعمول بها كذلك هناك اليوم إجراءات تجرى لربط إدارة الاستخدام بوزارة التنمية الإدارية والعمل بوزارات العمل في الدول الموردة للعمالة المنزلية بحيث يكون هناك تنسيق على أعلى مستوى وتعرف الوزارة أولا بأول السيرة الذاتية الخاصة بالعمالة المنزلية المرسلة لقطر قبل حتى الموافقة على اعتماد عقد العمل الخاص بها وهذا الإجراء تحديدا سنواجه به ظاهرة سماسرة التأشيرات ولن يمر وقت طويل إلا ونكون قد قضينا على تلك الظاهرة تماما.
أضاف المصدر: في نفس الوقت نحن نطالب المواطن القطري وكذلك المقيم ألا يتعاملوا إلا مع المكاتب الرسمية المعتمدة من قبل الدولة والمختصة باستقدام العمالة المنزلية حفاظا على أمنهم الشخصي مضيفا أن أي مكتب يثبت تلاعبه في هذا المجال يتعرض لعقوبات متصاعدة وهناك إدارة مختصة بالتفتيش على عمل تلك المكاتب منعا للتلاعب حيث تحرص إدارة تفتيش العمل على متابعة التزام جميع المكاتب والشركات بالضوابط الخاصة باستقدام العمالة الوافدة من خارج قطر.
copy short url   نسخ
28/11/2016
12202